ويشهد أهل السنة أن الجنة والنار مخلوقتان ، وأنهما باقيتان لا يفنيان أبدا ، وأن أهل الجنة لا يخرجون منها أبدا ، وكذلك أهل النار الذين هم
أهلها خلقوا لها لا يخرجون منها أبدا ، وأن المنادي ينادي يومئذ : ((
يا أهل الجنة خلود ولا موت، ويا أهل النار خلود ولا موت )) على ما ورد به الخبر الصحيح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
--------------------------------------------------------------------------------
في نسخة ذكر قبل هذا، الحديث: ((
ويؤمر بالموت فيذبح على سور بين الجنة والنار )) ثم بعدها الحديث.
فيقول المؤلف -رحمه الله -: "
ويشهد أهل السنة ويعتقدون أن الجنة والنار مخلوقتان، وأنهما باقيتان لا تفنيان أبدا ".
هذه عقيدة أهل السنة والجماعة أن الجنة والنار مخلوقتان الآن، دائمتان لا تفنيان ، خلافا للمعتزلة
فالمعتزلة قالوا: ( الجنة والنار ما خلقت الآن ، فلا تخلقان إلا يوم القيامة )
، والمعتزلة يقولون : ( لا توجد جنة ولا نار . بل تخلقان يوم القيامة ) ،
وهذا باطل ، الله تعالى قال عن الجنة: {
أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ } وعن النار: {
أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ } .
شبهة المعتزلة يقولون : (
لو قلنا إن الجنة والنار مخلوقتان الآن وليس فيهما أحد لصار هذا عبثا ، والعبث محال على الله ، ففرارا من ذلك قالوا : " لا يوجد جنة ولا نار الآن ، ما خلقتا " . ومتى تخلقان ؟ " قالوا : يوم القيامة " ) ،
هذا قول المعتزلة وهو قول باطل ، والذي عليه أهل السنة والجماعة أن الجنة والنار مخلوقتان الآن . أولا : النصوص فيها نص على أن الجنة والنار مخلوقتان، قال الله تعالى عن الجنة: {
أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ } .
وقال عن النار: {
أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ } أعدت شيء مضى.
وثانيا : قول المعتزلة وجودهما الآن وليس فيهما أحد عبث ، والعبث محال على الله ، ((
نقول : من قال إنه الآن ليس فيه حاجة إلى الجنة والنار " ؟ ومن قال : " إن وجودهما عبثا ؟ " ،
نقول : " الجنة فيها الحور العين ، وفيها أرواح المؤمنين تُنَعَّم في الجنة ، المؤمنين إذا ماتوا أرسلت أرواحهم إلى الجنة تنعم ، وأرواح الشهداء في حواصل طير خضر تسرح في الجنة وترد أنهارها ، والكافر إذا مات أرسلت روحه إلى النار تعذب في النار - نعوذ بالله - )) .
وجاء في الحديث : (
أن المؤمن إذا مات فتح له باب إلى الجنة ، فيأتيه منه ريحها وطيبها، والكافر يفتح له باب إلى النار فيأتيه منه حرها وسمومها ) ،
وهذا دليل على أن النار موجودة الآن ، والجنة موجودة الآن. والله تعالى قال في كتابه العظيم عن آل فرعون : {
النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ }
العرض غدوا وعشيا هذا في الدنيا النار موجودة . ثم أيضا ثبت في الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث الإسراء قال: (( أدخلت الجنة )) ، وفي حديث الكسوف النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ((
كشف له عن الجنة وتقدم وتقدمت الصفوف ، قال: حتى كأني رأيت دلي عنقود كأني آخذ منه، وكشف له عن النار، وتأخر وتأخرت الصفوف حتى خاف عليه الصلاة والسلام )) .
فقول المعتزلة إن الجنة والنار ليستا مخلوقتين الآن هذا من أبطل الباطل ، والصواب : (( أنهما موجودتان الآن ، مخلوقتان دائمتان لا تفنيان ، ولا تفنيان أبد الآباد )) ، خلافا للجهمية ،
الجهمية يقولون : (( إن الجنة والنار تفنيان إذا مضى مدة طويلة انتهت الجنة وانتهت النار ، فهما فانيتان )) ، وهذا من أبطل الباطل؛
ولهذا كَفَّرَهُمْ أهل السنة والجماعة، فالجنة والنار مخلوقتان دائمتان لا تفنيان. قال المؤلف - رحمه الله - : "
وأن أهل الجنة لا يخرجون منها أبدا ". نعم أهل الجنة لا يخرجون أبدا، ولا تفنى الجنة، وكذلك أهل النار الذين هم أهلها، خُلقوا لها، لا يخرجون أبدا، فالكفار لا يخرجون منها أبدا، أما العصاة يخرجون لأن العصاة ليسوا من أهل النار؛ لأن المعصية شيء عارض، وهم موحدون مؤمنون.
والمعصية تحتاج إلى تطهير مثل الثوب إذا أصابته نجاسة، تغسلها بالماء، فالعصاة إن عفا الله عنهم طهروا ، وإن لم يعف الله عنهم فلا بد أن يطهروا بالنار حتى تنتهي المعصية، فإذا طهروا من المعاصي أخرجهم الله إلى الجنة، فليسوا من أهل النار، وإنما أهل النار هم الكفرة، فهم يبقون فيها أبد الآباد، نسأل الله السلامة والعافية : {
خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا } كما قال سبحانه .
قال المؤلف: ((
ويؤمر بالموت فيذبح على سور بين الجنة والنار )) وأن المنادي ينادي يومئذ : ((
يا أهل الجنة خلود ولا موت ، ويا أهل النار خلود ولا موت )) كما جاء في الحديث .
وهو حديث ثابت في الصحيحين وغيرهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ((
يؤتى يوم القيامة بالموت على صورة كبش أملح )) وهذا بعد خروج عصاة الموحدين من النار ودخولهم الجنة، وأطبقت النار على الكفرة جيء بالموت ((
على صورة كبش بين الجنة والنار فيقال : يا أهل الجنة أتعرفون هذا ؟ فيقولون: هذا الموت. ويقال: يا أهل النار، هل تعرفون هذا؟ فيقولون: هذا الموت. فيذبح بين الجنة والنار، ويقال: يا أهل الجنة خلود ولا موت، ويا أهل النار خلود ولا موت، فيزداد أهل الجنة نعيما إلى نعيمهم، ويزداد أهل النار حسرة إلى حسرتهم )) - نسأل الله السلامة والعافية -.
المرجع : ( شرح عقيدة السلف وأصحاب الحديث ) ، فصل ( الجنة والنار مخلوقتان وباقيتان لا تفنيان أبدا ) ، لفضيلة الشيخ : عبد العزيز بن عبد الله الراجحي - حفظه الله تعالى -