:i-048#:
قال تعالى }وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ {[الزمر 67]
في بعض بلاد المسلمين ثمّة ظاهرة تكادُ السماوات يتفطرْنَ منها وتنشقُ الأرض وتخِرُّ الجبالُ هدًّا .. يشيبُ من هول فداحتها كلّ واحدٍ قدر الله قدَرَه..وعرف ربّه .. وعرف مع هذا حقـارة نفسه كمخـلـوق ضعيف لم يُخلـق سِوى لعبـادة الله عـز وجــــلّ .
إنها ظاهرة سبُّ اللهِ سبحانه وتعالى!
أو سبُّ دينِه .. أو الاستهزاء بشيء من شعائر الإسلام .
وإليك حكم الله ذاته في أمثال هؤلا:-
قامَ نفرٌ مِن الناس بالتّندُر على بعض صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: ما رأينا مثل قرائنــا هـؤلاء أرغب بطـونـا وأكـذب ألسُنـا وأجبـنُ عند اللقـاء .. فأنزل الله حكمه القاطع بكفرهم }قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَِ لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ { [التوبة 65-66]
فتأمل أخي الكريم كيف وصَمهـم الله بهـذا مع كـون استهـزائهم بحمـلة الدين لا بالـدين نفسه .. فمــا ظنك بمـن يسب الله أو يستهزئ بدينه؟! لقد عصى قلة من صحـــابة رسول الله صلى الله عليه و سلم أمــرًا له بغفـلة يـوم أحُــد، فقلبَ الله نصــرَهـــم هزيمة.. فمـا بالنـا اليـوم نـرجـو النصر والتمكين وفينـا من يسبّ الله عز وجل أو يسبّ دينه !!..
يا من وقعت في هذه الجريمة الكبرى ..
أكنت تــرضــى أن يسخرَ بك أحد أو يسبُك ؟
فكيف استساغتها نفسك المخلوقة في حقّ الله تعالى الملِك القهّار الذي خلقك ولم تكُ شيئا؟!
وهو القائل عزّ سلطانه }مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًاِ وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًاِ {[نوح 13-14]
إنك أيّها القارئ .. لوكنت ممن وقع في مثل هذه الكبيرة العظمى ؛ فلعلك علِمت الآن أنّ هذا ليس شيئا غير الكفر بعينه من كلام ربِّ الأرباب .. وملِك الملوك .
وستقرأ بعد قليل كلام العلماء وورثة الأنبياء ..
و صدق الله تعالى } إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَـكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَِ
{[يونس 44]
الحكم الشرعي في شاتمي الرب و الدين :
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : إن سبّ الله أو سبّ رسوله كــفرٌ ظاهرًا وباطنًا ، سواء كان السّابُّ يعتقد أنّ ذلك محرم ، أو كان مُستحِلا ً، أو كان ذاهِلا ً عن اعتقاده .
و قال الإمام ابن قدامة : من سبَّ الله تعالى كفر ، سواء كان مازحًا أو جادًّا.
و اتفق الفقهاء : على أنه إذا ارتدَّ أحدُ الزوجين حِيلَ بينهما ، فلا يقربها بخلوة ولا جماع ولا غير ذلك .
وقال الإمام أحمد رحمه الله : في رواية عبد الله بن أحمد في رجل قال لرجل: يا بن كذا وكذا- أعني أنت ومن خلقك- قال: هذا مرتد عن الإسلام تُضرَبُ عنقه .
كما أنه لا يجوز البقاء مع زوج يسبُّ الذات الإلهية أو الدين إلا إذا أعلن توبته ورجوعه إلى الإسلام .
يقول الشيخ سلمان بن فهد العودة : من وقع منه سبّ الله تعالى وهو يعلم ما يقول ، فهذا كفر بإجماع المسلمين ، و من تحقق عليه هذا القول سقطت عصمته الشرعية من الولاية و نكاح المسلمات .
الإسلام يجبّ ما قبله .. والتائب من الذنب كمن لاذنب له
قال الله تبارك وتعالى } قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُِ {[الزمر 53]
هذه رحمة الله المُهداة إليك فهلُمّ .. سواء كنت ممن سبق له الجراءة على مقام الله الجليل أو كنت ممن سكت عنه ولم يتحرك ضميره لإنكاره .. فباب الله مفتوح أمامك .. ومشرع إذا أقبلت إلى ربك بدمع سخين وقلب سخي بحبه وخشيته ورجائه .. مادامت لم تحن وفاتك ولم تبلغ الروح الحلقوم .. ولا أذن الله لشمسه بالشروق من الغرب .. وتذكر بأن الساكت عن الإنكار مع القدرة عليه .. شريك في الإثم .. صغر أو كبر
قال تعالى } وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِِ { [الأنفال 25]
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابًا منه ثم تدعونه فلا يستجاب لكم " [رواه احمد والترمذي].
ومتى ترك الناس الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر استحقوا المقت من الله واللعنة وحلول العقبات.
قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك الله أن يعمهم بعقاب من عنده " [صحيح الجامع].
وروى البخاري في صحيحه أن زينب رضي الله عنها قالت : " يا رسول الله! أنهلك وفينا الصالحون؟ قال : نعم ؛ إذا كَثُرَ الخَبَث ".